عن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمةإزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ) ، وروي بألفاظ مختلفةمنها ( عذبته ) و ( وقصمته ) ، و ( ألقيته في جهنم ) ، و ( أدخلته جهنم )، و ( ألقيته في النار ) .
تخريج الحديث
الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد و أبوداود ، و ابن ماجة ، و ابن حبان في صحيحه وغيرهم ، وصححه الألباني .
معاني المفردات
نازعني : المعنى اتصف بهذه الصفات وتخلق بها .
قذفته : أي رميته من غير مبالاة به .
قصمته : القصم الكسر ، وكل شيء كسرته فقد قصمته .
معنى الحديث
هذا الحديث ورد في سياق النهي عنالكبر والاستعلاء على الخلق ، ومعناه أن العظمة والكبرياء صفتان للهسبحانه ، اختص بهما ، لا يجوز أن يشاركه فيهما أحد ، ولا ينبغي لمخلوق أنيتصف بشيء منهما ، وضُرِب الرِّداءُ وا لإزارُ مثالاً على ذلك ، فكما أنالرداء والإزار يلصقان بالإنسان ويلازمانه ، ولا يقبل أن يشاركه أحد فيردائه وإزاره ، فكذلك الخالق جل وعلا جعل هاتين الصفتين ملازمتين له ومنخصائص ربوبيته وألوهيته ، فلا يقبل أن يشاركه فيهما أحد .
وإذا كان كذلك فإن كل من تعاظموتكبر ، ودعا الناس إلى تعظيمه وإطرائه والخضوع له ، وتعليق القلب به محبةوخوفا ورجاء ، فقد نازع الله في ربوبيته وألوهيته ، وهو جدير بأن يهينهالله غاية الهوان ، ويذله غاية الذل ، ويجعله تحت أقدام خلقه ، قال - صلىالله عليه وسلم - : ( يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورالرجال ، يغشاهم الذل من كل مكان ، فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس ،تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال ) رواهالترمذي حسنه الألباني .
وإذا كان المصَوِّر الذي يصنع الصورةبيده من أشد الناس عذابا يوم القيامة ، لتشبهه بالخالق جل وعلا في مجرَّدالصنعة ، فما الظن بالتشبه به في خصائص الربوبية والألوهية ، وقل مثل ذلكفيمن تشبه به في الاسم الذي لا ينبغي إلا له وحده ، كمن تسمى بـ" ملكالملوك " و" حاكم الحكام " ونحو ذلك ، وقد ثبت في الصحيح عنه - صلى اللهعليه وسلم - أنه قال : ( أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ) ،فهذا مقت الله وغضبه على من تشبه به فى الاسم الذى لا ينبغي إلا له سبحانهفكيف بمن نازعه صفات ربوبيته وألوهيته .
الكبر ينافي حقيقة العبودية
وأول ذنب عُصي الله به هو الكبر، وهو ذنب إبليس حين أبى واستكبر وامتنع عن امتثال أمر الله له بالسجودلآدم ، ولذا قال سفيان بن عيينه : " من كانت معصيته في شهوة فارجُ لهالتوبة ، فإن آدم عليه السلام عصى مشتهياً فغُفر له ، ومن كانت معصيته منكِبْر فاخشَ عليه اللعنة ، فإن إبليس عصى مستكبراً فلُعِن " ، فالكبر إذاًينافى حقيقة العبودية والاستسلام لرب العالمين ، وذلك لأن حقيقة دينالإسلام الذى أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه هي أن يستسلم العبد للهوينقاد لأمره ، فالمستسلم له ولغيره مشرك ، والممتنع عن الاستسلام لهمستكبر ، قال سبحانه :{سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق }(الأعراف 146) ، وقال سبحانه :{إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنمداخرين }( غافر 60) ، وثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهقال : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) .
والكبر هو خلق باطن تظهر آثارهعلى الجوارح ، يوجب رؤية النفس والاستعلاء على الغير ، وهو بذلك يفارقالعجب في أن العجب يتعلق بنفس المعجب ولا يتعلق بغيره ، وأما الكبر فمحلهالآخرون ، بأن يرى الإنسان نفسه بعين الاستعظام فيدعوه ذلك إلى احتقارالآخرين وازدرائهم والتعالي عليهم ، وشر أنواعه ما منع من الاستفادة منالعلم وقبول الحق والانقياد له ، فقد تتيسر معرفة الحق للمتكبر ولكنه لاتطاوعه نفسه على الانقياد له كما قال سبحانه عن فرعون وقومه : {وجحدوا بهاواستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا }(النمل 14) ، ولهذا فسر النبي - صلى اللهعليه وسلم - الكبر بأنه بطر الحق : أي رده وجحده ، وغمط الناس أي :احتقارهم وازدراؤهم .
من تواضع لله رفعه
والصفة التي ينبغي أن يكون عليها المسلمهي التواضع ، تواضعٌ في غير ذلة ، ولينٌ في غير ضعف ولا هوان ، وقد وصفالله عباده بأنهم يمشون على الأرض هوناً في سكينة ووقار غير أشرين ولامتكبرين ، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال : ( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغيأحد على أحد ) .
أسوته في ذلك أشرف الخلق وأكرمهم علىالله نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم - الذي كان يمر على الصبيان فيسلمعليهم ، وكانت الأَمَةُ تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت ، وكان إذا أكل لعقأصابعه الثلاث ، وكان يكون في بيته في خدمة أهله ، ولم يكن ينتقم لنفسه قط، وكان يخصف نعله ، ويرقع ثوبه ، ويحلب الشاة لأهله ، ويعلف البعير ،ويأكل مع الخادم ، ويجالس المساكين ، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام ، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء ، وكانكريم الطبع ، جميل المعاشرة ، طلق الوجه ، متواضعاً في غير ذلة ، خافضالجناح للمؤمنين ، لين الجانب لهم ، وكان يقول: ( ألا أخبركم بمن يحرم علىالنار ، أو بمن تحرم عليه النار ، على كل قريب هين سهل ) رواه الترمذي ،ويقول : ( لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع أو كراعلقبلت ) رواه البخاري ، وكان يعود المريض ، ويشهد الجنازة ، ويركب الحمار، ويجيب دعوة العبد ، فهذا هو خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولاعز ولا رفعة في الدنيا والآخرة إلا في الاقتداء به ، واتباع هديه ، ومنأعظم علامات التواضع الخضوع للحق والانقياد له ، وقبوله ممن جاء به .
تخريج الحديث
الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد و أبوداود ، و ابن ماجة ، و ابن حبان في صحيحه وغيرهم ، وصححه الألباني .
معاني المفردات
نازعني : المعنى اتصف بهذه الصفات وتخلق بها .
قذفته : أي رميته من غير مبالاة به .
قصمته : القصم الكسر ، وكل شيء كسرته فقد قصمته .
معنى الحديث
هذا الحديث ورد في سياق النهي عنالكبر والاستعلاء على الخلق ، ومعناه أن العظمة والكبرياء صفتان للهسبحانه ، اختص بهما ، لا يجوز أن يشاركه فيهما أحد ، ولا ينبغي لمخلوق أنيتصف بشيء منهما ، وضُرِب الرِّداءُ وا لإزارُ مثالاً على ذلك ، فكما أنالرداء والإزار يلصقان بالإنسان ويلازمانه ، ولا يقبل أن يشاركه أحد فيردائه وإزاره ، فكذلك الخالق جل وعلا جعل هاتين الصفتين ملازمتين له ومنخصائص ربوبيته وألوهيته ، فلا يقبل أن يشاركه فيهما أحد .
وإذا كان كذلك فإن كل من تعاظموتكبر ، ودعا الناس إلى تعظيمه وإطرائه والخضوع له ، وتعليق القلب به محبةوخوفا ورجاء ، فقد نازع الله في ربوبيته وألوهيته ، وهو جدير بأن يهينهالله غاية الهوان ، ويذله غاية الذل ، ويجعله تحت أقدام خلقه ، قال - صلىالله عليه وسلم - : ( يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورالرجال ، يغشاهم الذل من كل مكان ، فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس ،تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال ) رواهالترمذي حسنه الألباني .
وإذا كان المصَوِّر الذي يصنع الصورةبيده من أشد الناس عذابا يوم القيامة ، لتشبهه بالخالق جل وعلا في مجرَّدالصنعة ، فما الظن بالتشبه به في خصائص الربوبية والألوهية ، وقل مثل ذلكفيمن تشبه به في الاسم الذي لا ينبغي إلا له وحده ، كمن تسمى بـ" ملكالملوك " و" حاكم الحكام " ونحو ذلك ، وقد ثبت في الصحيح عنه - صلى اللهعليه وسلم - أنه قال : ( أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ) ،فهذا مقت الله وغضبه على من تشبه به فى الاسم الذى لا ينبغي إلا له سبحانهفكيف بمن نازعه صفات ربوبيته وألوهيته .
الكبر ينافي حقيقة العبودية
وأول ذنب عُصي الله به هو الكبر، وهو ذنب إبليس حين أبى واستكبر وامتنع عن امتثال أمر الله له بالسجودلآدم ، ولذا قال سفيان بن عيينه : " من كانت معصيته في شهوة فارجُ لهالتوبة ، فإن آدم عليه السلام عصى مشتهياً فغُفر له ، ومن كانت معصيته منكِبْر فاخشَ عليه اللعنة ، فإن إبليس عصى مستكبراً فلُعِن " ، فالكبر إذاًينافى حقيقة العبودية والاستسلام لرب العالمين ، وذلك لأن حقيقة دينالإسلام الذى أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه هي أن يستسلم العبد للهوينقاد لأمره ، فالمستسلم له ولغيره مشرك ، والممتنع عن الاستسلام لهمستكبر ، قال سبحانه :{سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق }(الأعراف 146) ، وقال سبحانه :{إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنمداخرين }( غافر 60) ، وثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهقال : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) .
والكبر هو خلق باطن تظهر آثارهعلى الجوارح ، يوجب رؤية النفس والاستعلاء على الغير ، وهو بذلك يفارقالعجب في أن العجب يتعلق بنفس المعجب ولا يتعلق بغيره ، وأما الكبر فمحلهالآخرون ، بأن يرى الإنسان نفسه بعين الاستعظام فيدعوه ذلك إلى احتقارالآخرين وازدرائهم والتعالي عليهم ، وشر أنواعه ما منع من الاستفادة منالعلم وقبول الحق والانقياد له ، فقد تتيسر معرفة الحق للمتكبر ولكنه لاتطاوعه نفسه على الانقياد له كما قال سبحانه عن فرعون وقومه : {وجحدوا بهاواستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا }(النمل 14) ، ولهذا فسر النبي - صلى اللهعليه وسلم - الكبر بأنه بطر الحق : أي رده وجحده ، وغمط الناس أي :احتقارهم وازدراؤهم .
من تواضع لله رفعه
والصفة التي ينبغي أن يكون عليها المسلمهي التواضع ، تواضعٌ في غير ذلة ، ولينٌ في غير ضعف ولا هوان ، وقد وصفالله عباده بأنهم يمشون على الأرض هوناً في سكينة ووقار غير أشرين ولامتكبرين ، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال : ( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغيأحد على أحد ) .
أسوته في ذلك أشرف الخلق وأكرمهم علىالله نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم - الذي كان يمر على الصبيان فيسلمعليهم ، وكانت الأَمَةُ تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت ، وكان إذا أكل لعقأصابعه الثلاث ، وكان يكون في بيته في خدمة أهله ، ولم يكن ينتقم لنفسه قط، وكان يخصف نعله ، ويرقع ثوبه ، ويحلب الشاة لأهله ، ويعلف البعير ،ويأكل مع الخادم ، ويجالس المساكين ، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام ، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء ، وكانكريم الطبع ، جميل المعاشرة ، طلق الوجه ، متواضعاً في غير ذلة ، خافضالجناح للمؤمنين ، لين الجانب لهم ، وكان يقول: ( ألا أخبركم بمن يحرم علىالنار ، أو بمن تحرم عليه النار ، على كل قريب هين سهل ) رواه الترمذي ،ويقول : ( لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع أو كراعلقبلت ) رواه البخاري ، وكان يعود المريض ، ويشهد الجنازة ، ويركب الحمار، ويجيب دعوة العبد ، فهذا هو خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولاعز ولا رفعة في الدنيا والآخرة إلا في الاقتداء به ، واتباع هديه ، ومنأعظم علامات التواضع الخضوع للحق والانقياد له ، وقبوله ممن جاء به .